التخطي إلى المحتوى الرئيسي

قصة الباب الثامن

 مثل القرود والطائر والرجل


قال كليلة: زعموا أن جماعة من القرود كانوا في جبل من الجبال فأبصروا ذات ليلة يراعة تطير فظنوا أنها شرارة فجمعوا حطباً فوضعوه عليها ثم أقبلوا ينفخون. وكان قريباً منهم شجرة فيها طائر فجعل يناديهم: إن الذي رأيتم ليس بنار. فأبوا أن يسمعوا منه فنزل إليهم ليعلمهم. فمر عليه رجل فقال: أيها الطائر لا تلتمس تقويم ما لا يستطيع ولا تأديب ما لا يتأدب، فإنه من عالج ما لا يستقيم بالمعالجة ندم. فإن الحجر الذي لا ينقطع لا تجرّب عليه السيوف. والعود الذي لا ينحني لا يعالج انحناؤه. ومن عالج ما لا يستقيم ندم. فأبى ذلك الطائر أن يسمع من ذلك الرجل وينتفع بشيء من قوله حتى دنا من القردة ليفهمهم أمر اليراعة أنها ليست بنار. فتناوله بعض القرود فقطع رأسه.


فهذا مثلك في قلة انتفاعك بالأدب والموعظة. وأنك يا دمنة قد غلب عليك الخب والعجز. والخبّ والعجز خلتا سوء. والخب أشدهما عاقبة، فأشبههما أمراً بالخب شريك المغفل.


قال دمنة: وكيف كان ذلك؟


مثل الخبّ والمغفل


قال كليلة: زعموا أن خباً ومغفلاً أصابا في طريق بدرة فيها ألف دينار، وكانا شريكين في تجارة. فبدا لهما أن يرجعا إلى منازلهما. فلما دنوا من مدينتهما قعدا لاقتسام الدنانير. فقال المغفل للخب: خذ نصفها واعطني النصف. وكان الخب قد وطّن نفسه على أن يذهب بها كلها. فقال: لا نقتسمها، فإن الشركة والتفاوض أقرب إلى المخالصة والصفاء. ولكن خذ منها نفقة وآخذ أنا مثلها وندفن البقية في مكان حريز، فإذا احتجنا إلى النفقة جئنا جميعاً فأخذنا حاجتنا.


قال المغفل: نعم. فأخذا من الدنانير شيئا يسيراص ودفنا البقية في أصل شجرة عظيمة من شجر الدوح. ثم إن الخبّ خالفه إلى الدنانير وأخذها وسوّى الأرض على موضعها. فقال المغفل بعد ذلك بأشهر للخب: قد احتجنا إلى نفقة فانطلق بنا إلى الدنانير نأخذ منها نفقة. فانطلقا جميعا حتى أتيا الشجرة فاحتفرا المكان الذي كانت فيه الدنانير فلم يجدا فيه شيئاً، فأقبل الخب على شعره وينتفه وعلى صدره يضربه وصاح وقال: لا يثقنّ أحد بأحد ولا يغترّن بأخ ولا صاحب. خالفت إلى الدنانير فأخذتها. فجعل المغفل يتنصّل ويلعن، ولا يزداد الخب إلى شدة عليه فيقول له: من أخذها غيرك؟ هل شعر بنا أحد سوانا؟


ثم إن الخب أخذ المغفل فانطلق به إلى القاضي فاقتص عليه قصته وزعم أن المغفل هو الذي أخذ الدنانير. فقال له القاضي: هل لك بيّنة؟ قال الخب؟ نعم تشهد لي الشجرة التي كانت الدنانير في أصلها. فعجب القاضي من ادعائه شهادة الشجرة وأنكر ما قال فأمر به أن يكفل نفسه. وقال للكفيل: وافني به غدا ليطلعنا على ما ادعى من شهادة الشجرة.


فانصرف الخبّ إلى بيته فقصّ على أبيه القصة وقال: يا أبت إني لم أستشهد الشجرة لما كنت رأيت فيها وإنما اتكلت عليك فيما ادعيت به. فإن شئت ققد أحرزنا الدنانير وكسبنا مثلها من قبل المغفل. قال أبو الخب. وما ذلك الذي تأمرني به: قال الخب: إني قد توخيت بالدنانير شجرة عظيمة من شجر الدوح جوفاء فيها مدخل لا يُرى فدفنتها في أصلها في خالفت إليها فأخذتها وادعيت على المغفل زوراً. فأنا أحب أن تذهب الليلة فتدخل في ذلك المكان، فإذا جاء القاضي فسأل الشجرة شهادتها تكلمت من جوفها وقالت: المغفل أخذ الدنانير. قال أبو الخب: يا بني إنه رُبّ متحيل أوقعته حيلته في شر فإياك أن يكون تمحلك شبيهاً بتمحل العلجوم. قال الخب: وكيف كان ذلك يا أبت؟


مثل العلجوم والحية


قال أبو الخب: زعموا أن علجوماً جاورته حية وكان إذا أفرخ العلجوم ذهبت الحية إلى عشه فأكلت فراخه. وكان العلجوم قد وافقه مكانه فلم يتسطع تركه وحزن لما لقي من الحية. ففطن لذلك سرطان دنا منه فسأله: ما يحزنك؟ فأخبره ما لقي. فقال له السرطان: أفلا أدلك على أمر تستفي به من الحية. قال: وما ذلك؟ فأومأ السرطان إلى جحر قبالته فقال: أترى ذلك الجحر؟ فإن فيه ابن عرس وهو عدو للحيات. فاجمع سمكاً كثيراص ثم ضع شيئاً منه عند جحر الحية إلى جحر ابن عرس. فإن ابن عرس يأكل من السمكات الأول فالأول حتى ينتهي إلى جحر الحية فيقتلها. ففعل العلجوم ذلك وانتهى ابن عرس إلى الحية فقتلها. ثم جعل يرجع إلى ذلك المكان للعيادة يلتمس طعاما حتى وقع على عش العلجوم لقرب جواره من جحر الحية فأكل العلجوم وفراخه.


وإنما ضربت لك هذا المثل لتعلم أن من لم يتثبت في حيلته ويدبرها أوقعته في أشد ما يحتال لغيره. قال الخب: قد سمعت هذا المثل فلا تهابنه لأنه أيسر أمراً مما تظن. فتابع الشيخ ابنه وانطلق إلى الشجرة فدخل فيها، وغدا القاضي والخب والمغفل إلى الشجرة وسألها القاضي: هل عندك شهادة؟ فأجابه الشيخ من جوف الشجرة أن نعم، المغفل صاحب الدنانير. فاشتد عجب القاضي واستنكره وجعل ينظر ويتفطن، هل طاف بالشجرة أحد. وبصر بذلك الجوف فنظر فيه فلم ير شيئاً لأن الرجل قد كان ارتفع عن المكان الذي تناله فيه العين. فأمر القاضي بالحطب فجمع، ودعا النار فدخّن في ذلك الجوف وتصبّر أبو الخبر ساعة ثم نزل به الجهد فصاح ونادى واستغاث. فأمر القاضي فأخرج بعد ما أشفى على الموت. فعوقب الخب ثم غرّم ثم انقلب بأبيه على ظهره ميتاً وانطلق المغفل بالدنانير.


وإنما ضربت لك هذا المثل لتعلم أن صاحب المكر والخديعة ربما كان هو المغبون. وأنت يا دمنة جامع للخب والخديعة والعجز من ثمرة مكرك هذا الذي ترى، مع أنك لست بناج من العقوبة. وكذلك تكون عاقبة أمر من كان مثلك، فإنك ذو وجهين ولسانين. وإنما عذوبة ماء الأنهار ما لم تنته إلى البحور، وصلاح أهل البيت ما لم يفسد بينهم مفسد، وبقاء الإخاء بين الأخوان ما لم يدخل بينهم ذو لسانين. فإن ذا اللسانين ليس شيء أشبه منه بالحية لأن الحية ذات لسانين، ويجري من لسانك بينهم كسمّها. ولم أزل لذلك السم من لسانك خائفاً مشفقاً أن يعرّني بشيء كارهاً لقربك، ذاكراً لموعزة قرابة وصحبة ومواصلة. فإن الفاجر من الأصحاب كالحية يربيها صاحبها ويمسحها ثم لا يكون له منها إلا اللسع. وكان يقال: الزم ذا العقل والكرم واسترسل إليه وإياك وفراقه، ولا بأس عليك أن تصحبه وإن كان غير محمود الخلقة. ولكن احترس من شين أخلاقه وانتفع بكرمه وانفعه بعقلك، وفرّ الفرار كله من اللئيم الأحمق. وإني بالفرار منك والاجتناب لك لجدير. وكيف يرجو أحد غيرك وفاء وكرماً وقد صنعت لملكك الذي أكرمك وشرّفك ما صنعت. بل مثلك في ذلك مثل التاجر القائل: إن أرضاً يأكل جرذها مئة منّ حديداً غير مستنكر فيها أن تختطف بزاتها الفيلة.


قال دمنة: وكيف كان ذلك؟


باب الفحص عن أمر دمنة


قال الملك للفيلسوف: قد سمعت حديثك في محال العدو المحتال كيف أفسد اليقين بالشبهة حتى أزال المودة وأدخل العداوة، فحدثني إن رأيت كيف اطلع الأسد على ذنب دمنة حتى قتله وكيف كانت معاذيره ومدفعه عن نفسه.


قال بيدبا الفيلسوف: إنا وجدنا في كتب خبر دمنة أن الأسد لما قتل شتربة ندم على معالجته بالقتل وتذكر حرمته. وكان من جنود الأسد وقرابته نمر كان من أكرم أصحابه عليه، وأخصّم عنده منزلة، وأطولهم به خلوة بالليل والنهار. وكان الأسد بعد قتله شتربة يطيل مسامرة أصحابه ليقطع عنه بحديثهم بعض ما قد داخله من الكآبة والحزن بقتله الثور. وإن النمر لبث في سمره ذات ليلة حتى مضت هدأةٌ من الليل. ثم خرج من عنده منصرفا إلى منزله. وقد كان منزل كليلة ودمنة قرب منزل الأسد فدنا النمر من منزلهما ليصيب قبساً يستضيء به وكانا مترافقين.


فسمع النمر محاورتهما ونصت لهما حتى سمع كلامهما كله، ووجد كليلة قد أقبل على دمنة يعذله ويقبّح له رأيه وفعله ويعظّم له جرمه ويوبّخه بغدره. وكان فيما أنبه به أن قال: إن الذي هيجت بين الأسد والثور من العداوة بعد المودة والفرقة بعد الألفة والشحناء بعد السلامة بسخافة عقلك وقلة وفائك لمظهر أمرك ومطلع طلعه، ولازمك من بغيه ما تستوبل عاقبته وتستمر مذاقته. فإن الغدر وإن لان عاجلُه واستحليت فروعه مرّ العاقبة بعيد المهواة وخيم المزلقة، وإني باجتنابك وترك مقارنتك والاقتداء بك لحقيق، فلست بآمن على نفسي من معرّتك وشرهك وغدرك. وقد قالت العلماء: اجتنب أهل الريبة لئلا تكون مريباً. فإني تارك مقارنتك ومتباعد منك ومغترب عنك لسوء أخلاقك التي بها أنشبت العداوة بين الملك ووزيره الناصح المأمون، فلم تزل بتشبيهك وتمويهك بالباطل حتى حملته على القسوة وأورطته الورطة فقتله مظلوماً بريئاً.


قال دمنة: قد وقع من الأمر ما لا مردّ له فدع تضييق الأمور عليّ وعلى نفسك فإني سأعمل في التغييب عن موقع الأمر في نفس الأسد. فقد كرهت ما مضى مني. والحسد والحرص حملاني على ما صنعت.


فلما سمع النمر ذلك من كلامهما انصرف خفيّاً مسرعاً حتى دخل على اللبوءة أم الأسد فأخذ عليها عهداّ ألا تفشي سرّه إلى الأسد ولا إلى غيره. فعاهدته على ذلك فأخبرها بالقصة على وجهها من قول كليلة وإقرار دمنة.


فلما أصبحت أم الأسد أقبلت حتى دخلت على الأسد فوجدته مكتئباً حزيناً لقتله شتربة فقالت: إن حزنك غير رادّ عليك مدبراً ولا سائق إليك نفعاً، وأنت غنيّ عن أن تجعله للبلاء عوناً عليك فتضعف به فؤادك وتنهك به جسمك وتحمل به المضرة على نفسك، وأنت بحمد الله بتحصيل الأمور رفيق بصير بصادرها وواردها. فإن علمت أن لك في الحزن فرجاً فحمّلنا منه مثلما أنت فيه. وإنت علمت أن لك في الحزن فرجاً فحمّلنا منه مثلما أنت فيه. وإنت علمت أنك لا تُرجع به مدبراً ولا تسوق به إليك نفعاً فارغب عنه وانظر فيما يعود عليك نفعه. وإن اعتبار ما بلغك عن شتربة حتى يصحّ لك حقيق ذلك من باطله ليسير.

فقال الأسد: فكيف لي بذلك؟


قال أم الأسد: إن العلماء قد قالوا من أراد أن يعرف محبه من مبغضه وعدوه من صديقه فليعتبر ذلك من نفسه. فإن الناس على مثل ذلك له كما هو عليه لهم وإن أقنع ما شهد على امرئ نفسه. فلنا من قولك دليل على أن قلبك يشهد عليك بأنك عملت ما عملت بغير علم ولا يقين. وذلك فاعلم أنه رأس الخطأ. ولو كنت حين بلغك عن الثور ما بلغك كففت نفسك وملكت غيظك ثم عرضت ما بلغك عنه على قلبك بحسن النظر لاكتفيت بقلبك دليلاً على تكذيب ما أتاك عنه، لأن القلوب تتكافأ فيما يتلاقى بعضها من بعض في سرّها وعلانيتها. فقس أمرك وأمر الثور بموقع أمر كان في نفسك جنايته وموقعه اليوم بعد موته.


فقال الأسد: لقد أكثرت الفكر وحرصت على التجني على الثور بعد قتلي إياه لعلي آخذه في ذنب واحد كان فيما بيني وبينه أقوّي به تهمتي فما يزداد ظني به إلا حسناً وله وداً. ولست أتذكّر منه شرارة خلق أقول هي حملته على أن ابتدأني بالحسد ولا نقص رأي أتهمه به على طلب مغالبتي، ولا أتذكر مني إليه أمراً سيئاً أرى أنه دعاه إلى عداوتي. فإني أحب أن أفحص عن أمره وأبالغ في البحث عنه وإن كنت أعرف أن ذلك غير مصلح ما فرط مني. ولكني أحب أن أعرف موقعي الذي أنا عليه فيما صنعت من الخطأ أو الصواب. فأخبريني هل سمعت من أمره شيئاً تذكرينه لي.


قالت أم الأسد: نع قد بلغني أمر استكتمنيه بعض أهلك. ولولا ما قالت العلماء في إذاعة السر والتضييع للأمانات وأنت تترك ما لا نفع فيه وما منجى لأخبرتك بما علمت.


قال الأسد: إن العلماء لأقاويلهم وجوه كثيرة ومعان مختلفة وأحوال متصرفة، وليس في كل الوجوه أمر بالكتمان ولكل أمر موضع وخبر. فإذا كان في موضعه صلح العمل به ونفع، وإن كان في غير موضعه ضر وأفسد. فمما تعظم مضرّته ولا يرضى استقالته كتمان ما ينبغي له أن يعلن عذراً في إسراره ولا سعة في السكوت عنه. فإني أرى أن مطلعك عليه قد ألقى على نفسك وزره وحمّلك خيره وشرّه وأنت حقيقة بإظهاره، وحمله الوجل على نفسه من كتمانه، فألقي ما استودعت منه عنك بإفشائه إليّ وإظهاره.


قالت أم الأسد: قد عرفت الذي قلت وإنه كما قلت وإن كان في ما ذكرت ما يحملن يعلى كثير من الكلام لعلمي بموقع هذا الأمر في نفسك. فلا أراك إن كنت على ما أرى من الرأي أن يمنعك من العزم والمبالغة في نكال أهل الجريمة والغدر في اعتقاد الألفة والثقة والتصديق. فحدثني إن كان في نفسك مني حرج.


قال الأسد: ما في نفسي حرج ولا أنتِ عندي نمّامة ولا أنا في نصحك مرتاب ولا أرى عليك في ذلك من ضرر في إفشاء ذلك الأمر إليّ.


قالت أم الأسد: بل ضرر منه عليّ في خلال ثلاث: أما واحدة فانقطاع ما بين وبين صاحب هذا السر من المودة لإباحتي بسره، وأما الأخرى فخيانتي لما استُحفظت من الأمانة، وأما الثالثة فوجل من كانوا يسترسلون إلي قبل اليوم مني وقطعهم أسرارهم عني.

قال الأسد: الأمر على ما قلت وما أنا عمّا كرهت بالمفتش، وما يختلج في صدري الارتياب بنصحك، فأخبرني بجملة الأمر إن كرهت أن تخبريني باسم صاحب السر ما أسرّ إليك منه.


فأخبرته بجملة ذلك الحديث ولم تسمّ من ذكره لها. وكان فيما قالت أن قالت: إنه لا ينبغي للولاة والرؤساء استبقاء الخونة الفجرة أهل الغدر والنميمة والمحال والإفساد بين الناس بفساد صلاحهم. وأول من نفى عن الناس من يفسدهم وساق إليهم من يصلحهم القادة المتولّون لأمورهم. وأنت بقتل دمنة حقيق، فإنه قد كان يقال: إن إفساد أجلّ الأشياء من قبل خصلتين: إذاعة السر وائتمان أهل الغدر. وإن الذي أنشب العداوة بينك وبين شتربة أنصح الوزراء وخير الإخوان حتى قتلته غدر دمنة وجهالته ومكره وخيانته. وقد اطلعت على مكنونه وبدا لي ما كان يُخفي عليك وعلمته نحو ما كان يذكر من حديثه إياك قبل اليوم. فالراحة لك ولجندك وإن ظهر منه ما كان يكتم وعلن منه ما كان يبطن بقتله، فاقتله عقوبة لجريمته وإبقاءً على جندك فيما يُستقبل من شرّه. فإنه ليس على مثلها إن انتعش بمأمون. ولعلك أيها الملك أن ترْكن إلى ما أُمر به الملوك من العفو عن أهل الجريمة. فإن رأيت ذلك فاعلم أنه ليس في من بلغ جرمه جرم دمنة لأنه لا ذنب له أكثر مما جنى دمنة علانية وسراً بخلابته ومكره وتحميل الملك على البريء من وزرائه السليم صدره الناصح جيبه، حتى انطوى منه على حسده وقتله على شبهة.


ثم قالت: إني لست أجهل قول العلماء لتعظيم الفضل في العفو عن أهل الجرائم. ولكن الفضل في ذلك إنما هو دون النفوس أو جناية العامة التي يقع فيها الشين وتحتج بها السفهاء عندما يكون من أعمالهم السيئة واستعد بها الملك بالأمر الذي يضل خطره فيه إن كان إلى العامة.


فأمر الأسد أمه بالانصراف عنه وبعث حين أصبح إلى جنوده فأُدخل عليه وجوههم. فأرسل إلى أمه فحضرت المجلس ثم دعا بدمنة فأُتي به. فلما أقام بين يديه قلب الأسد يده بالتميثل به. فلما رأى دمنة ذلك أيقن بالهلكة فالتفت إلى بعض من يليه فقال له بصوت خفيّ: هل حدث من حديث أحزن الملك أو هل كان شيء جمعكم له كما أرى؟


قال دمنة: ما أرى الأول ترك للأخير مقالاً في شيء من معاريض الأمور. وقد جرى في بعض ما يقال أنّ أشدّ الناس اجتهاداً في توقي الشر أكثرهم فيه وقوعاً، ولا يكون للملك وجنوده المثل السوء. وقد علمت أن ذلك إنما قيل في صحبة الأشرار. إنه من صحبهم وهو يعلم عملهم لم ينجّه من شرورهم توقيه إياها. ولذلك انقطعت النساك بأنفسها واختارت الوحدة في الجبال على مخالطة الناس وآثرت العمل لله على العمل لخلقه لأنه ليس أحد يجزي بالخير خيراً إلى الله. فأما من دونه فقد تجري أمورهم على فنون شتى يكون مع ذلك في أكثرها الخطأ. وما أحد بأحق بإصابة الصواب من الملك الموفّق الذيا لا يصانع أحداً لحاجة به إليه ولا لعاقبة يتخوّفها منه. وإن كان أحق من ذلك من عظمت فيه رغبة الملوك من محاسن الصواب فمكافأة أهل البلاء الحسن عندهم. وما بلاء أبين حسناً من نصيحة. ولقد علم وعلمت وعلم جميع من حضر أنه لم يكن بيني وبين الثور أمر أضطغين عليه فيه حقداً ولا أبغي له غائلة، وما كان بذلك من ضرّ ولا نفع. ولكني نصحت الملك فيه وأعلمته ما اطلعت عليه من أمره حتى أبصر مصداق ما ذكرت له وكان فيه أفضل رأياً وأشد حزماً وعزماً. ولقد أعرف أنه قد تخوّف مثلها مني غير واحد من أهل الغش والعداوة فنصبوا نصبي وأجمعوا على طلب هلاكي. وما كنت أتخوّف أن يكون جزائي على النصيحة وحسن البلاء أن يحزن الملك على تركه إياي حيّاً.

فلما سمع الأسد قول دمنة قال: أخرجوه عني وادفعوه إلى القضاء، فليفتشوا عن أمره، فإني لست أحبّ أن أحكم على محسن ولا مسيء إلا بظهور وجه الحق والعدل.


فسجد دمنة للأسد ثم قال: أيها الملك إنه ليس أكشف للعمى ولا أوضح للشبهة ولا أشد استخراجاً لغامضات الأشياء من الاجتهاد والمبادرة فيما يصاب به ذلك. وقد علمت أيها الملك أن النار تكون مستكنّة في الشجر والحجارة فلا تخرج ولا تصاب منفعتها إلا بالعمل والطلب. ولو كنت مجرماً لتخوّفت التكشّف عن جرمي كما قد أصبحت لعلمي ببراءتي، أرجو أن يخرج الفحص والتكشف صحة أمري. وكذلك كل شيء طابت رائحته أو نتنت فاليوم يزيده فووحاً وظهوراً. ولو كنت أعرف مع ذلك لنفسي ذنباً أو جرماً لوجدت في الأرض مذهباً ولما لزمت باب الملك أنتظر ثواب عملي. ولكني أحب أن يأمر الملك من يلي الفحص عن أمري أن يرفع إليه في كل يوم ما يكشف من عذري وبراءتي ليرى فيّ رأيه ويعارض بعض أمري ببعض ولا يعمل في أمري بشبهات أهل البغي والعداوة، فإن الذي رأى الملك من تشبيههم عليه ما قد استبان من عداوة الثور لجدير أن يمنعه من الإقدام على قتلي بعد الذي علم من نصيحتي وحوطتي عليه ومن رأيه الذي قد علمه الملك من منزلتي في نفسي من خساسة الحال وصغر الخطر. وإني لست أستطيع أن أدفع نفسي عن نسبة العبودية ولا أطمع فيما يطمع فيه من فوقي. فإني وإن كنت عبد الملك فإن لي من عدله نصيباً أعرف أن الملك معطينيه من نفسي في حياتي وبعد موتي. فإن كان الملك أجمع على دفعي إلى من يبحث عن أمري وينظر في براءتي فإني أرغب إلى عدله ولا يغفل أمري وأن يأمر برفع معاذيري إليه يوماً بيوم. فإن كان الملك للبلاء المقدور عليّ وقلة استطاعتي لامتناع من القدر غير متروّ في أمري ولا متبحّث عن شأني ولا صارف العقوبة عني لقول أهل الشرارة والمحال على غير ذنب سلف مني، فلم يبق لي ناصرٌ ألجأ إليه إلا الله فإنه كاشف الكرب. وقد قالت العلماء: إنه من صدّق فيما يشبّه عليه بما ينبغي الشك فيه وكذّب بما ينبغي أن يصدّق فيه أصابه ما أصاب المرأة التي بذلت بمالها لعبدها بتشبيهه عليها.


قال الأسد: وكيف كان ذلك؟


مثل المرأة والمصوّر والعبد


قال دمنة: زعموا أنه كان بمدينة باثرون في أرض تدعى كشمير تاجر يدعى حبلاً وكانت له امرأة ذات حيلة ودهاء تختلس من ماله فتبيعه لشؤونها. وكان إلى جانب بيتها مصوّر ماهر بالتصاوير يواطئها على اختلاس المال. فقال المرأة للرجل في بعض أحيانه التي كان يأتيها فيها: إن استطعت أن تحتال بصناعة اطّلع بها على مجيئك إذا جئتني بالليل من غير نداء ولا رمي ولا شيء يرتاب به يكون رفق ذلك بي وبك. فقال المصور: عندي في ذلك من الحيل ما يسرّك، وهو أن عندي ملاءة بتهاويل الصور، وجهها الواحد شبيه باليقق الأبيض الشبيه بضوء القمر، والوجه الآخر حالك السواد شبيه بالظلمة الحندسية منظراً. فبياضها يدعوك في الليلة الظلماء بضوئه وسوادها يبدو لك في الليلة المقمرة، فقال: إذا رأيتها فاعلمني أني صاحبك فتأتيني بالمال دون نداء. فدخل عبد للتاجر وهما يتفاوضان في ذلك فسمع قولهما، فأراد أن يصيب شيئاَ من المال المختلس. فلما كان بعد ذلك وكان العبد صديقاً لأمة المصور طلب إليها أن تعيره الملاءة ليريها صاحباً له ويسرع إلى ردها. فأعطته الملاءة فلبسها ولقي المرأة على نحو ما كان يأتيها المصور. فلما رأته لم ترتب بشيء من شأنه فبذلت له حصة من المال ثم رجع العبد بالملاءة إلى الأمة فوضعتها في موضعها. وكان المصور عن بيته غائباً. فلما مضت هدأة من الليل رجع المصور إلى بيته ولبس الملاءة وأتى بها المرأة. فلما رأت الملاءة دنت منه فقالت: ما شأنك أسرعت راجعاً وقد أخذت المال في أول الليل. فلما سمع المصور كلامها خبت نفسه وانصرف نحو منزله، ثم دعا جاريته فتوعّدها بالضرب فأخبرته بالأمر على وجهه، فأحرق المصور الملاءة وندم على صنعه إياها.


وإنما ضربت لك هذا المثل أيها الملك لتعلم أن الشبهة كذب وأن الكذب يعيب صاحبه. ولست أنت حقيقاً بقتل البريء ذي الصحبة لوشي الوشاة وتحامل الخونة عليه. ولست أقول أيها الملك هذا كراهة للموت فإنه، وإن كان كريهاً، فلا منجى منه، وكل حي ميت. ولو كانت لي مائة نفس وأعلم أن رضا الملك في إتلافهن لطلبت له بهن نفساً. فإن ظننت أيها الملك أن لك بقتلي روحاً وفرجاً فإن العلماء قد قالوا: من اقترف خطيئة أو ذنباً فأسلم نفسه للقتل تكفيراً عن إئمه عفا الله عنه ونجا من الشرّ في الآخرة. فإني وإن كنت أعلم أن الله قد باعد الملك من الجور والاعتداء وإهلاك النفس البريئة بوشي الأشرار وتحميل الفجّار، فإني أحب أن لا يعجّل بأمر دون الفحص والترويه.


فبينما دمنة يقول معذرته إذ اعترض له أحد الحضور من بعض جلساء الملك فقال: أيها الملك إن دمنة ليس ما يقول تعظيماً لحق الملك ولا توفيراً لفضله، ولكنه يريد أن يدفع عن نفسه ما قد نزل به من سوء عمله.


قال دمنة: وهل، وليك، على امرئ في العذر لنفسه عيب؟ وهل أحد أقرب إلى الإنسان من نفسه؟ إذا لم يلتمس لها العذر فمن يلتمسه لها؟ وقد أحق بنصيحتي من نفسي، أو من أحق أن أنصح عنه منها؟ وقد قالت العلماء: إن المستهين لنفسه المبغض لها هو لغيرها أقطع وأبغض ولمن سواها أغش وأرفض. وقولك هذا مما يستدل به من حضر على قلة عقلك لما قلت ولجهالتك لما يدخل عليك فيه. ولقد ظهر منك ما لا تملكه من الحسد والبغضاء، وعرف من سمع قولك أنك لا تحب أحدا، وأنك عدو نفسك فمن سواها. فمثلك لا يصلح أن يكون إلا مع البهائم فضلاً من أن تحضر مجلس الملك أو تكون ببابه.


فلما سمع المقول له هذه المقالة من دمنة سكت فلم يحرْ جواباً وخرج مستحياً.


فقال أم الأسد لدمنة: إن من العجب انطلاقك بالقول مجيباً لمن تكلّم وقد كان منك ما كان.


قال دمنة: علام تنظرين بعين واحدة وتسمعين بأذن واحدة لشقاوة جدي؟ كذا كل شيء قد تنكّر وتغير. فليس ينطق أحد بحق ولا يقوم به ولا يتكلم إلا بالهوى. ومن بباب الملك لثقتهم به وطمأنينتهم إليه وتعطفه عليه لا يتّقون أن يتكلّموا بأهوائهم فيما رافق الحق أو خالفه وهو لا يغير عليهم ولا ينهاهم.


قالت أم الأسد: انظر إلى هذا الفاسق الفاجر الذي ركب الأمر العظيم كم يأخذ بأعين الناس ويبرّئ نفسه.


قال دمنة: إن الفاسق الفاجر من يذيع ولم يدفنه، والرجل الذي يلبس لباس المرأة والمرأة التي تلبس لباس الرجل، والضيف الذي يزعم أنه رب البيت، ومن ينطق في مجتمع عند الملك بما لا يسأل عنه.


قالت أم الأسد: يا شقي، أما تعلم من نفسك سوء عملك ومكرك وفجورك.


قال لها دمنة: الشقي الذي يرتكب المنكر ولا يريد لأحد خيراً ولا يدفع عن نفسه المكروه.


قالت أم الأسد: أيها الخائن الفاجر، إنك لتجترئ على مثل هذا القول. عجباً للملك أن يتركك حياً.


قال دمنة: إن الخائن الفاجر الذي يؤتى بالنصيحة ويمكّن من عدوه ثم لا يشكر ذلك ولا يعرفه لمن أتاه به، ولكن يريد قتله على غير ذنب.


قالت أم الأسد: لسمع موعظتك وضربك الأمثال لمن كلّمك أعجب عندي من الذي سلف من خلابتك ومكرك وحسدك.


قال دمنة: هذا موضع العظة إن قبلت وموضع الأمثال إن نفعت.


قالت أم الأسد: أيها الغادر الفاجر إن في سوء عملك لشاغلاً لو عقلت من ضرب الأمثال.


قال دمنة: إنما الغادر من أخاف من عمل في أمنه وعادى من كشف له عداوة أعدائه.


قالت أم الأسد: كأنك ترجو أيها الكاذب أن تنجو بتسطير المقال مما اجترمت.


قال دمنة: إن الكاذب من كافى بالإحسان إساءة بالخير شراً وبالأمن خوفاً. وأما أنا فقد أنجزت ما وعدت ووفيت العهد.


قالت أم الأسد: ما وعد الذي أنجزت وعهدك الذي وفيت؟


قال دمنة: سيدى يعلم أني لو كنت كاذباً لم أجترىء على الكلام عنده بالباطل وانتحال الكذب.


فلما رأت أم الأسد أن كلام دمنة لا يزيد الأسد إلا لينا ارتابت وداخلها الخوف شفقاً على أن يرى بعض ما يقول دمنة في براءته وعذره فقالت للأسد: إن الصمت على حجج الخصم لشبيه بالإقرار بحقيقة ما يقول. ومن هنالك قالت العلماء: أقرّ صامت. ثم قامت وهي غضبانة تريد الخروج.


فأمر الأسد بدمنة فجعلت الجامعة في عنقه وحبس وأمر بالفحص عنه.


فقالت أم الأسد له: إني لم أزل أسمع بمكر دمنة منذ زمان، ثم حقق عندي ما سمعت من إفكه وافتعاله المعاذير وكثرة مخارجه بغير صدق ولا براءة. فإنك إن أمكنته من الكلام دافعك عن نفسه بالحجج الكاذبة. وفي قتله لك ولجنودك راحة عظيمة، فاجل قتله. ولا تأخذك فيه هوادة ولا توقفك عنه شبهة؛ فإن الصغير والكبير من جندك عرفوا بنميمة دمنة وعلموا بفضائحه خاصة في أمر البريء الناصح وخير الوزراء شتربة. فقد استعاد الكذب وهو منه خلقٌ راسخٌ وطبيعة لازمة. والراحة لك ولجندك ترك المناظرة والقتل له بذنبه.


قال الأسد: إن من شأن بط

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصة يوسف عليه السلام

  يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إسْحاقَ     هو أحد الأنبياء الذين ورد ذكرهم في   القرآن ، وهو الابن الحادي عشر للنبي   يعقوب . صدِّيقٌ نبيٌّ من أنبياء   بني إسرائيل   وشخصية دينية مقدسة في   اليهودية   والمسيحية   والإسلام . وسميت السورة الثانية عشر في القرآن باسمه ( سورة يوسف ). يوسف تخطيط لاسم  يُوسف  مسبوق  بالسَّلامِ عليه . عبد الله، صديق، نبي، رسول، ابن  يعقوب ، الكريم بن  الكريم  بن  الكريم  بن  الكريم الولادة غير معروف بِلادُ كَنْعان الوفاة غير معروف بِلادُ مِصر مبجل(ة) في الإسلام ،  المسيحية ،  اليهودية النسب يُوسُفُ بنُ  يَعْقُوبَ  بنِ  إسْحاقَ  بنِ  إبْراهِيمَ  (حسب  القُرآن ). يُعتبر يوسف بن يعقوب من أكثر الشخصيات المشهورة في القرآن  والتوراة ، اشتهر بالمقدرة على  تأويل الأحلام ، وكان شديد الجمال، فقد ورد في  صحيح مسلم  أن يوسف أوتي شطر الحُسن. [ 1 ]  وهو من عائلة شرفها الله بالنبوة لذا وصفه  النبي محمد  ب...

قصة ابراهيم عليه السلام

  قد أثبت الله نبوته ورسالته في مواطن عديدة من الكتاب العزيز، وشهد له بأنه  كان أمة قانتاً لله حنيفاً. قال تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً  قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا  لأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ *  وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنْ  الصَّالِحِينَ} [النحل: 120 - 122].    نسب إبراهيم: ذكر المؤرخون نسبه واصلاً إلى سام بن نوح عليه السلام، ونوح - في سلسلة نسب  إبراهيم- هو الأب الثاني عشر. وقد أسقط بعض النسابين من آبائه في سلسلة  النسب (قينان)، بسبب أنه كان ساحراً. فهو على ما يذكرون: إبراهيم  "أبرام" (عليه السلام) بن تارح "وهو آزر كما ورد في القرآن الكريم" بن  ناحور بن ساروغ "سروج" بن رعو بن فالغ "فالج" بن عابر بن شالح بن قينان -  الذي يسقطونه من النسب لأنه كان ساحراً - بن أرفكشاذ "أرفخشذ" بن سام بن  نوح (عليه السلام). والله أعلم.    حياة إبراهيم عليه السلام في فقرات: 1- موجز حياته عند أ...

قصص وعبر عن الفزيائي

  من الحكم التى يرددها العامة من حين لاخر هو انه من الذكاء احيانا ان تكون غبيا وتطبق فمك فان كثرة الكلام توقع صاحبها في المهالك وقصتنا اليوم عن ثلاثة اشخاص حكم عليهم بالاعدام ظلما وهم : محامى - رجل دين - عالم فزيائي .وعندما حان الوقت لإعدام ثلاثتهم بداؤ برجل الدين وسالوه ان كان يريد ان يقول كلمة قبل ان يودع الدنيا قال يعلم الله انى برئ وانى اثق في عدالته ولما همو بقطع رقبته بالمقصلة فاذا بالمقصلة تقف قبل ان تنزل على راس رجل الدين - فارجعوه للوارء وقالو لقد قال الله كلمته لن تعدم وجاء دور المحامى فقالو له قل كلمة اخيرة قبل ان تموت فقال انا لا اعرف الله حق معرفتة كما رجل الدين ولكنى اثق في العدالة وهمو بقطع رقبتة ولكن ايضا وقفت المقصلة قبل ان تنزل على رقبتة وابت قطعها فقالو لقد قال الله كلمتة في المحامى وحينما جاء دور الفيزيائي قالو له ان اردت ان تقول كلمة اخيرة فلتقلها قال لهم انا لا اعرف الله مثل رجل الدين ولا اعرف العدالة مثل المحامى ولكنى اعرف ان هناك عقدة في المفصلة هى ما تمنعها من النزول وعندما فحصو المقصلة وجدو انه بالفعل توجد عقدة هى ما تمنه المقصلة من ان تقوم بعملها فحلو الع...