التخطي إلى المحتوى الرئيسي

قصة لوط عليه السلام

 

نبذة: 

أرسله الله ليهدي قومه ويدعوهم إلى عبادة الله، وكانوا قوما ظالمين يأتون 
الفواحش ويعتدون على الغرباء وكانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء فلما 
دعاهم لوط لترك المنكرات أرادوا أن يخرجوه هو وقومه فلم يؤمن به غير بعض من
آل بيته، أما امرأته فلم تؤمن ولما يئس لوط دعا الله أن ينجيهم ويهلك 
المفسدين فجاءت له الملائكة وأخرجوا لوط ومن آمن به وأهلكوا الآخرين بحجارة مسومة. 

سيرته: 

حال قوم لوط: 

دعى لوط قومه إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ونهاهم عن كسب السيئات والفواحش.
واصطدمت دعوته بقلوب قاسية وأهواء مريضة ورفض متكبر. وحكموا على لوط وأهله
بالطرد من القرية. فقد كان القوم الذين بعث إليهم لوط يرتكبون عددا كبيرا 
من الجرائم البشعة. كانوا يقطعون الطريق، ويخونون الرفيق، ويتواصون بالإثم،
ولا يتناهون عن منكر، وقد زادوا في سجل جرائمهم جريمة لم يسبقهم بها أحد 
من العالمين. كانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء. 

لقد اختلت المقاييس عند قوم لوط.. فصار الرجال أهدافا مرغوبة بدلا من النساء، وصار 
النقاء والطهر جريمة تستوجب الطرد.. كانوا مرضى يرفضون الشفاء ويقاومونه.. 
ولقد كانت تصرفات قوم لوط تحزن قلب لوط.. كانوا يرتكبون جريمتهم علانية في 
ناديهم.. وكانوا إذا دخل المدينة غريب أو مسافر أو ضيف لم ينقذه من أيديهم 
أحد.. وكانوا يقولون للوط: استضف أنت النساء ودع لنا الرجال.. واستطارت 
شهرتهم الوبيلة، وجاهدهم لوط جهادا عظيما، وأقام عليهم حجته، ومرت الأيام 
والشهور والسنوات، وهو ماض في دعوته بغير أن يؤمن له أحد.. لم يؤمن به غير 
أهل بيته.. حتى أهل بيته لم يؤمنوا به جميعا. كانت زوجته كافرة. 

وزاد الأمر بأن قام الكفرة بالاستهزاء برسالة لوط عليه السلام، فكانوا يقولون: 
(ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ). فيئس لوط 
منهم، ودعا الله أن ينصره ويهلك المفسدين. 

ذهاب الملائكة لقوم لوط: 

خرج الملائكة من عند إبراهيم قاصدين قرية لوط.. بلغوا أسوار سدوم.. وابنة لوط 
واقفة تملأ وعاءها من مياه النهر.. رفعت وجهها فشاهدتهم.. فسألها أحد 
الملائكة: يا جارية.. هل من منزل؟ 

قالت [وهي تذكر قومها]: مكانكم  لا تدخلوا حتى أخبر أبي وآتيكم.. أسرعت نحو أبيها فأخبرته. فهرع لوط يجري 
نحو الغرباء. فلم يكد يراهم حتى (سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا 
وَقَالَ هَـذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ) سألهم: من أين جاءوا؟ .. وما هي وجهتهم؟.. 
فصمتوا عن إجابته. وسألوه أن يضيفهم.. استحى منهم وسار أمامهم قليلا ثم 
توقف والتفت إليهم يقول: لا أعلم على وجه الأرض أخبث من أهل هذا البلد. 

قال كلمته ليصرفهم عن المبيت في القرية، غير أنهم غضوا النظر عن قوله ولم 
يعلقوا عليه، وعاد يسير معهم ويلوي عنق الحديث ويقسره قسرا ويمضي به إلى 
أهل القرية - حدثهم أنهم خبثاء.. أنهم يخزون ضيوفهم.. حدثهم أنهم يفسدون في
الأرض. وكان الصراع يجري داخله محاولا التوفيق بين أمرين.. صرف ضيوفه عن 
المبيت في القرية دون إحراجهم، وبغير إخلال بكرم الضيافة.. عبثا حاول 
إفهامهم والتلميح لهم أن يستمروا في رحلتهم، دون نزول بهذه القرية. 

سقط الليل على المدينة.. صحب لوط ضيوفه إلى بيته.. لم يرهم من أهل المدينة 
أحد.. لم تكد زوجته تشهد الضيوف حتى تسللت خارجة بغير أن تشعره. أسرعت إلى 
قومها وأخبرتهم الخبر.. وانتشر الخبر مثل النار في الهشيم. وجاء قوم لوط له
مسرعين.. تساءل لوط بينه وبين نفسه: من الذي أخبرهم؟.. وقف القوم على باب 
البيت.. خرج إليهم لوط متعلقا بأمل أخير، وبدأ بوعظهم: 

(هَـؤُلاء  بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ).. قال لهم: أمامكم النساء -زوجاتكم- هن 
أطهر.. فهن يلبين الفطرة السوية.. كما أن الخالق -جلّ في علاه- قد هيّئهن 
لهذا الأمر. 

(فَاتَّقُواْ اللّهَ).. يلمس نفوسهم من جانب التقوى 
بعد أن لمسها من جانب الفطرة.. اتقوا الله وتذكروا أن الله يسمع ويرى.. 
ويغضب ويعاقب وأجدر بالعقلاء اتقاء غضبه. 

(وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي).. هي محاولة يائسة لِلَمْس نخوتهم وتقاليدهم. و ينبغي عليهم إكرام الضيف لا فضحه. 

(أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ).. أليس فيكم رجل عاقل؟.. إن ما تريدونه -لو تحقق- هو عين الجنون. 

إلا أن كلمات لوط عليه السلام لم تلمس الفطرة المنحرفة المريضة، ولا القلب 
الجامد الميت، ولا العقل المريض الأحمق.. ظلت الفورة الشاذة على اندفاعها. 

أحس لوط بضعفه وهو غريب بين القوم.. نازح إليهم من بعيد بغير عشيرة تحميه، ولا
أولاد ذكور يدافعون عنه.. دخل لوط غاضبا وأغلق باب بيته.. كان الغرباء 
الذين استضافهم يجلسون هادئين صامتين.. فدهش لوط من هدوئهم.. وازدادت ضربات
القوم على الباب.. وصرخ لوط في لحظة يأس خانق: (قَالَ لَوْ أَنَّ لِي 
بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ) تمنى أن تكون له قوة تصدهم
عن ضيفه.. وتمنى لو كان له ركن شديد يحتمي فيه ويأوي إليه.. غاب عن لوط في
شدته وكربته أنه يأوي إلى ركن شديد.. ركن الله الذي لا يتخلى عن أنبيائه 
وأوليائه.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يقرأ هذه الآية: "رحمة 
الله على لوط.. كان يأوي إلى ركن شديد". 

هلاك قوم لوط: 

عندما بلغ الضيق ذروته.. وقال النبي كلمته.. تحرك ضيوفه ونهضوا فجأة.. أفهموه 
أنه يأوي إلى ركن شديد.. فقالوا له لا تجزع يا لوط ولا تخف.. نحن ملائكة.. 
ولن يصل إليك هؤلاء القوم.. ثم نهض جبريل، عليه السلام، وأشار بيده إشارة 
سريعة، ففقد القوم أبصارهم. 

التفتت الملائكة إلى لوط وأصدروا إليه 
أمرهم أن يصحب أهله أثناء الليل ويخرج.. سيسمعون أصواتا مروعة تزلزل 
الجبال.. لا يلتفت منهم أحد.. كي لا يصيبه ما يصيب القوم.. أي عذاب هذا؟.. 
هو عذاب من نوع غريب، يكفي لوقوعه بالمرء مجرد النظر إليه.. أفهموه أن 
امرأته كانت من الغابرين.. امرأته كافرة مثلهم وستلتفت خلفها فيصيبها ما أصابهم. 

سأل لوط الملائكة: أينزل الله العذاب بهم الآن.. أنبئوه أن موعدهم مع العذاب هو الصبح.. (أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ)؟ 

خرج لوط مع بناته وزوجته.. ساروا في الليل وغذوا السير.. واقترب الصبح.. كان 
لوط قد ابتعد مع أهله.. ثم جاء أمر الله تعالى.. قال العلماء: اقتلع جبريل،
عليه السلام، بطرف جناحه مدنهم السبع من قرارها البعيد.. رفعها جميعا إلى 
عنان السماء حتى سمعت الملائكة أصوات ديكتهم ونباح كلابهم، قلب المدن السبع
وهوى بها في الأرض.. أثناء السقوط كانت السماء تمطرهم بحجارة من الجحيم.. 
حجارة صلبة قوية يتبع بعضها بعضا، ومعلمة بأسمائهم، ومقدرة عليهم.. استمر 
الجحيم يمطرهم.. وانتهى قوم لوط تماما.. لم يعد هناك أحد.. نكست المدن على 
رؤوسها، وغارت في الأرض، حتى انفجر الماء من الأرض.. هلك قوم لوط ومحيت مدنهم. 

كان لوط يسمع أصوات مروعة.. وكان يحاذر أن يلتفت خلفه.. 
نظرت زوجته نحو مصدر الصوت فانتهت.. تهرأ جسدها وتفتت مثل عمود ساقط من الملح. 

قال العلماء: إن مكان المدن السبع.. بحيرة غريبة.. ماؤها 
أجاج.. وكثافة الماء أعظم من كثافة مياه البحر الملحة.. وفي هذه البحيرة 
صخور معدنية ذائبة.. توحي بأن هذه الحجارة التي ضرب بها قوم لوط كانت شهبا 
مشعلة. يقال إن البحيرة الحالية التي نعرفها باسم "البحر الميت" في 
فلسطين.. هي مدن قوم لوط السابقة. 

انطوت صفحة قوم لوط.. انمحت مدنهم وأسمائهم من الأرض.. سقطوا من ذاكرة الحياة والأحياء.. وطويت صفحة من
صفحات الفساد.. وتوجه لوط إلى إبراهيم.. زار إبراهيم وقص عليه نبأ قومه.. 
وأدهشه أن إبراهيم كان يعلم.. ومضى لوط في دعوته إلى الله.. مثلما مضى 
الحليم الأواه المنيب إبراهيم في دعوته إلى الله.. مضى الاثنان ينشران الإسلام في الأرض.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصة يوسف عليه السلام

  يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إسْحاقَ     هو أحد الأنبياء الذين ورد ذكرهم في   القرآن ، وهو الابن الحادي عشر للنبي   يعقوب . صدِّيقٌ نبيٌّ من أنبياء   بني إسرائيل   وشخصية دينية مقدسة في   اليهودية   والمسيحية   والإسلام . وسميت السورة الثانية عشر في القرآن باسمه ( سورة يوسف ). يوسف تخطيط لاسم  يُوسف  مسبوق  بالسَّلامِ عليه . عبد الله، صديق، نبي، رسول، ابن  يعقوب ، الكريم بن  الكريم  بن  الكريم  بن  الكريم الولادة غير معروف بِلادُ كَنْعان الوفاة غير معروف بِلادُ مِصر مبجل(ة) في الإسلام ،  المسيحية ،  اليهودية النسب يُوسُفُ بنُ  يَعْقُوبَ  بنِ  إسْحاقَ  بنِ  إبْراهِيمَ  (حسب  القُرآن ). يُعتبر يوسف بن يعقوب من أكثر الشخصيات المشهورة في القرآن  والتوراة ، اشتهر بالمقدرة على  تأويل الأحلام ، وكان شديد الجمال، فقد ورد في  صحيح مسلم  أن يوسف أوتي شطر الحُسن. [ 1 ]  وهو من عائلة شرفها الله بالنبوة لذا وصفه  النبي محمد  ب...

قصة ابراهيم عليه السلام

  قد أثبت الله نبوته ورسالته في مواطن عديدة من الكتاب العزيز، وشهد له بأنه  كان أمة قانتاً لله حنيفاً. قال تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً  قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا  لأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ *  وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنْ  الصَّالِحِينَ} [النحل: 120 - 122].    نسب إبراهيم: ذكر المؤرخون نسبه واصلاً إلى سام بن نوح عليه السلام، ونوح - في سلسلة نسب  إبراهيم- هو الأب الثاني عشر. وقد أسقط بعض النسابين من آبائه في سلسلة  النسب (قينان)، بسبب أنه كان ساحراً. فهو على ما يذكرون: إبراهيم  "أبرام" (عليه السلام) بن تارح "وهو آزر كما ورد في القرآن الكريم" بن  ناحور بن ساروغ "سروج" بن رعو بن فالغ "فالج" بن عابر بن شالح بن قينان -  الذي يسقطونه من النسب لأنه كان ساحراً - بن أرفكشاذ "أرفخشذ" بن سام بن  نوح (عليه السلام). والله أعلم.    حياة إبراهيم عليه السلام في فقرات: 1- موجز حياته عند أ...

قصص وعبر عن الفزيائي

  من الحكم التى يرددها العامة من حين لاخر هو انه من الذكاء احيانا ان تكون غبيا وتطبق فمك فان كثرة الكلام توقع صاحبها في المهالك وقصتنا اليوم عن ثلاثة اشخاص حكم عليهم بالاعدام ظلما وهم : محامى - رجل دين - عالم فزيائي .وعندما حان الوقت لإعدام ثلاثتهم بداؤ برجل الدين وسالوه ان كان يريد ان يقول كلمة قبل ان يودع الدنيا قال يعلم الله انى برئ وانى اثق في عدالته ولما همو بقطع رقبته بالمقصلة فاذا بالمقصلة تقف قبل ان تنزل على راس رجل الدين - فارجعوه للوارء وقالو لقد قال الله كلمته لن تعدم وجاء دور المحامى فقالو له قل كلمة اخيرة قبل ان تموت فقال انا لا اعرف الله حق معرفتة كما رجل الدين ولكنى اثق في العدالة وهمو بقطع رقبتة ولكن ايضا وقفت المقصلة قبل ان تنزل على رقبتة وابت قطعها فقالو لقد قال الله كلمتة في المحامى وحينما جاء دور الفيزيائي قالو له ان اردت ان تقول كلمة اخيرة فلتقلها قال لهم انا لا اعرف الله مثل رجل الدين ولا اعرف العدالة مثل المحامى ولكنى اعرف ان هناك عقدة في المفصلة هى ما تمنعها من النزول وعندما فحصو المقصلة وجدو انه بالفعل توجد عقدة هى ما تمنه المقصلة من ان تقوم بعملها فحلو الع...